النوستالجيا
في عام 1948 اخترع الشاعر الإنجليزي "ويستن أودن" كلمة 'توبوفيليا' لوصف شعور الناس عند العودة إلى مكان مميز من ماضيهم
هل أُصبت بمتلازمة البحر والقهوة وصوت فيروز؟ هل تفضلين الحديث
ام القديمة (الأبيض والأسود)؟؟ هل تفضل المطاعم والمقاهى ذات الطابع الكلاسيكى القديم؟؟؟ أيعجبك شكل الجرامافون؟؟؟
سر الحنين
هل تساءلت يومًا عن سر ما يُسمونه بالحنين؟ انه ذلك الشعور الذي يُطاردك عندما تزور بيتك القديم غرفتك القديمة أو تري الصور العائلية القديمة أو متعلقاتك الشخصية القديمة.والوجوه الجميلة والطفولة والجيران والمدرسة عندما يلتقطك الخيال الي زمن انقضي بالفعل
حنين لمن افتقدنا، لايام الطفولة ، لاصدقاء الزمن الجميل، لعلاقاتنا الاجتماعية لبساطة الحياة، حتي لتفاصيل الصغيرة،
وربما حنين إلى أنفسنا: شكلنا وملامحنا وأعمارنا وأحلامنا التي طوتها دفاتر الأيام
الحنين للماضي
الحنين إلى الماضي الي زمن تنتمي إليه بكل جوارحك له أساس سيكولوجي، يطلق عليه مصطلح النوستولجيا أو النوستالجيا (الحنين إلى ماضي مثالي)، وبرغم أن الماضي في حياة الكثيرين منا لم يكن ورديًا الا انه الجدير بالذكر أن نسبة 80% من الناس يشعرون بالنوستالجيا مرة على الأقل أسبوعيًا.ولا سيما عند الذهاب إلى أعياد الميلاد أو حفلات الزفاف وغيرها من المناسبات التي تجتمع فيها العائلةُ والأصدقاء.
قال احدهم "مضت سنين طويلة.. لا أذكرها.. غبت فيها عني.. ولا زلت انتظرني.. اشتقت جدا إلي.. وإلى أحاديثي وهمومي الصغيرة.. وأمنياتي الكبيرة.. أفتقدني منذ أن كبرت!"
تعبر هذت الكلمات عن حنين كاتبها إلى الماضي
في الغالب يشعر الفرد بالأمان النفسي والراحة والاطمئنان بالعيش في الماضي الذي يألف أحداثه وأشخاصه، بينما قد يشعر بالخوف أو التوجس من المستقبل
الماضي . ذكريات تغنى بها الشعراء والكتاب، واعجبت الناس ولقت القبول وأثارت المشاعر المختلطة في النفوس ما بين سعادة والألم وشجون وقد تصل للندم في بعض الاحيان . هي . ومن جهة أخرى قد تكون انعكاسا للخوف من سرعة مرور الأيام والأحداث، أو رغبة في العودة إلى هذه الأزمان والأماكن والمراحل فنعيشها كما يجب أن تكون. فهل كان كل شيء جيدا؟ ما الذي يجعلنا نشعر بجماليات الأشياء بعد انقضائها أكثر من استشعارها أثناء اللحظة وفي زمانها ومكانها؟
طالب الطب يوهانس هوفر
في القرن السابع عشر، استخدم طالب الطب في جامعة بازل السويسرية «يوهانس هوفر» كلمة «نوستالجيا» لوصف الألم الناتج عن الرغبة في العودة إلى الموطن.وتأثير النوستالجيا بعد أن لاحظ أن مجموعة من العمال المأجورين السويسريين المغتربين عن أوطانهم كانت تظهر عليهم أعراض مرضية مشتركة مثل: أرق وعدم انتظام ضربات القلب، وعسر هضم، وتبين فيما بعد أن من أهم أسبابها الشوق والحنين إلى أوطانهم ليس مقصور علي المغتربين عن موطنهم بل امتد تأثير النوستالجيا ايضا علي الاطفال المرضي الذين كانوا يرسلون للريف فترة علاجهم والنساء التي تعمل في خدمة البيوت وكذلك الجنود الذين يحاربون ويواجهون ظروفًا صعبة بعيدًا عن مواطنهم والجيش الروسي واجه هذا التحدي في منتصف القرن الثامن عشر، وتم علاجه بتهديد ان أول من يقع فريسة لنوستالجيا سيُدفن حيًّا،وقد تم دفن جنديان وهم احياء جراء ذلك
اضراب عقلي ام ماذا ؟
في الماضي كان يُنظر إلى النوستالجيا على أنها اضطرابًا عقليًا. لكن اليوم، تغيرت الفكرة حول هذا المفهوم. لقد أصبحت طريقة النظر إليه أكثر إيجابية، فهو يُذكر المرء بالذكريات الجميلة
يتكون المصطلح من الكلمتين الإغريقيتين: «نوستوس» (Nóstos)، أو رحلة العودة، و«ألغوس» (álgos)، أو الألم والحزن.
أثبت العلم الحديث الشعور النوستالجي باستخدام صورة الرنين المغناطيسي للدماغ
التفكير في الماضي والاخطاء
التفكير هو الطريق للشعور ومن ثم السلوك، ولكن هذا الطريق قد يكون بالاتجاه الخاطئ
المشكلة او الخطأ في التفكير بالماضي هو التفكير الاتنقائي
1- التفكير الانتقائي
وبالرغم من ذلك الا اننا تختلف في طريقة تقيمنا للماضي فالبعض قد يراه جميل والبعض قد يراه الم وحرمان وذلك حسب التجربة الشخصية لكل منا
نرجع للتفكير الانتقائي من الاسم هو انتقاء الإيجابيات مع تجاهل السلبيات كما يفعل الذي يحب قائداً او شخصية ما فيثني على شجاعتها و كرمها و مروءتها وينسي او يتناسي السلبيات او عندما يشرح وقائع حادثه من الاحداث او خصائص مذهب من المذاهب اعتماداً على اجزاء منها و إهمال الباقي .
للتفكير الاتنقائي عدة اشكال منها المبالغة، والتعميم
2- التفكير القطبي
والتفكير القطبي او الحدي (الكل أو لا شيء، أبيض أو أسود)،وينسي المنطقة الرمادية (إذا لم تكن معي فأنت ضدي)، فالحياة ليست كالمغناطيس قطبان إما سالب أو موجب، فقد لا يكون الأمر لصالح الشخص لكنه ليس ضده أيضاً
3- التفكير العاطفي
والتفكير العاطفي (تفسير الأمور وفقا لما يرغبه الفرد ويرتاح إليه)،
يقول مارسيل بروست " إن تذكر أشياء من الماضي ليس بالضرورة أن تكون كتذكر الأشياء كما كانت عليه في وقت مضى
ويقول حسين أمين في كتابه "كيمياء السعادة" إن جهل الغالبية بالتاريخ يسهل على الناس تزييف الماضي فلو عدنا إلى الماضي بملابساته الحقيقة بعد تقديسه وتفخيمه لأصابتنا خيبة أمل عظيمة"
فوائد للنوستالجيا
أظهرت دراسة أجرتها جامعة سري في لندن عام 2017، أن للنوستالجيا فوائد صحية رغم ألم العاطفة الذي يتسبب به الحنين إلى الماضي، فقالت في دراسة لها أن الحنين إلى الماضي يعطي شحنة إيجابية لدماغ الإنسان على اعتبار أنه يحرك عواطفهم. وتقول الدراسة "على سبيل المثال، أن المكان الذي يتزوج فيه الشخص يحمل أهمية عاطفية أكبر مقارنة مع صور حفل الزفاف.
ومن أبرز الفوائد التي ثبتت صحتها:
هي آلية دفاع يستخدمها العقل عندما نواجه صعوبات في التكيف وعند الشعور بالوحدة، لتحسين الحالة النفسية وتحسين المزاج فالحنين إلى الماضي يشحن الدماغ بطاقة إيجابية لأنه يثير العواطف بشدة.
الشعور بالانتماء والرضا النفسي.
الرغبة في الاستمرار بالعيش وخوض تجارب جديدة. يروي الناجون من معسكرات الاعتقال قصصًا عن كيف ساعدهم تذكُّر وجبات طعام جيِّدة تناولوها في الماضي على تجنب الجوع في الوقت الحالي، وبالتالي الشعور بالنوستالجيا من وقت لآخر ليس سيئًا.
لأن الماضي بالنسبة للإنسان فترة معلومة من حياته فهو يمده بالشعور بالأمان والراحة النفسية، تمامًا كالشعور الذي يحققه التأمل أو رياضة اليوغا.
إثارة الإلهام وتعزيز التفكير الإبداعي والتفاؤل.
أسلوب ناجح في محاربة الاكتئاب وقتيا
ويعزز الثقة بالنفس في عدة تجارب أقيمت على متطوعين من أمريكا، وبريطانيا والصين، عندما طُلِبَ منهم الاستماع إلى أغانٍ قديمة، والتحدث عن ذكرياتهم المقربة. وعند سؤال المتطوعين بعدها عن مشاعرهم، أجاب أغلبهم: «أشعر أني على تواصلٍ مع الماضي، وأني احتفظت بعدة جوانب من شخصيتي رغم مرور كل هذه السنين»، وهو يحسن من أدائهم النفسي.
النوستالجيا تجلب الدفء ففي دراسة عام 2012 نشرت مجلة إيموشن «Emotion» الأمريكية المختصة في علم النفس، دراسة لعالم النفس تيم فيلدشوت الذي أجرى مع فريقه سلسلة من التجارب لفحص العلاقة بين النوستالجيا ودرجة الحرارة شعر الأشخاص في الغرفة الباردة بالحنين أكثر من أولئك المتواجدين في الغرف الأخرى.
دون النوستالجيا قد لا نكون قادرين علي مواصلة الحياة حتي دون محاولة اقناع انفسنا بأن الماضي كان مميز رغم العيوب من الجهة الاخري النوستالجيا ببعض الاحيان توهمنا بوجود ارضية صلبه نقف عليها فنهمل الحاضر والمستقبل
الإنسان قد يلجأ للنوستالجيا للهروب من صدمة قوية تعرض لها، فهو يجد الأمان في الماضي
الا ان إدمان استرجاع ذكريات الماضي؛ واعتماد عليها للتخلص من التوتر والألم النفسي ييجعل الانسحاب من الحاضر أسلوب حياة، مما يجعل الفرد عاجزا عن اتخاذ القرارات الصحيحة كلما واجهته تحديات.والمبالغة
في الواقع إن الخطر الوحيد وراء النوستالجيا يكمن عندما نقف عندها، أو عندما نفهمها بشكل غير صحيح، فنظل نرتدي تلك النظارات الوردية عن الماضي بدلاً من أخذ نظرة جادة عن الحاضر، ونغرق أنفسنا في الماضي ونعيش فيه كوسيلة لتجنب الحاضر،
والمقصود بالادمان هنا هو المبالغة في استخدام الحيل الدفاعية النفسية مثل النكوص (ممارسة سلوكيات لا تتناسب مع العمر) وأحلام اليقظة، والإنكار (مثل: إنكار موت عزيز أو إنكار التعرض لتجربة مريرة).
“اغرس اليوم شجرة، تنم في ظلها غدًا”
لكن في ورقة بحثية نُشرت في فبراير/شباط 2020 في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي (Journal of Personality and Social Psychology) .وجدت الدراسة ان الشعور بالحنين للماضي مرتبط بالمشاعر السلبية والاكتئاب والندم وكلما ذاد مستوي الحنين للماضي يعني ان الانسان بيحث عن معني لحياته وكما ووجدت الدراسة ان من يميل للمشاعر السلبية هم اكتر الناس حنينا للماضي
وهذه الدراسة تختلف عن دراسة سابقة وارجع الباحثين سبب الاختلاف الي ان الدراسات لا تخبرنا كثيرا عما يحدث عندما بشعر الناس بالحنين الي الماضي خلال كل يوم من حياتهم لكنها تطلب من الناس التفكير في حدث يبعث علي الحنين لديهم وعادا ما يكون هذا الحدث أكثر ايجابية في يوم حزين
وفي الدراسة الجديدة، حينما أكمل المشاركون فيها تجارب يومية قاموا بتقييم مدى حنينهم إلى الماضي في كل يوم، وأظهرت النتائج أن الأيام التي شعر فيها الناس بالحنين إلى الماضي كانت هي الأيام التي شعروا فيها بالسوء.
قد يتفق الجميع ان الماضي جميل ومبهج لكنه غير مناسب للعيش فيه لانه بكل بساطة انتهى فهو للتذكر وافضل طريقة للتعامل معه هو تذكر الماضي وفهم الدرس وصناعة الحاضر والمستقبل
كريستين باتشو الخبيرة في النوستالجيا
وتقول كريستين باتشو الخبيرة في "النوستالجيا" (التوق الى الماضي) في مقال لها على موقع جمعية علم النفس الأمريكية (APA)، إن الحنين إلى الماضي حلو ومرّ بطبيعته، لأنه يذكرك بالتغيير من جهة، ومدى ثراء حياتك من جهة أخرى.
تقول الدكتورة باتشو "إذا كنت شخصا يميل إلى الشعور بالضيق عند تأمّل الذكريات، فقد تكون هناك طريقة بسيطة لتغيير وجهة نظرك، فكّر في الأشخاص الذين كنت قريبا منهم في ذلك الوقت
وتضيف باتشو أنه "أثناء الأوقات الصعبة يمكن لتذكر ماضينا والرجوع إليه أن يقوينا من خلال تذكيرنا بكيفية تجاوزنا للتحديات، أو الخسارة، أو الإصابة، أو الفشل، أو سوء الحظ في الماضي".
تقسِّم «سفيتلانا بويم»، في كتابها «The Future of Nostalgia، النوستالجيا إلى نزعتين:
الأولى: نزعة استعادة ، وتجعل من مفهوم العودة، المحرك لها، وتركز على إعادة بناء المفقود، ولا يفكر أصحاب هذه النزعة في أنهم يمتلكونها، استرجاع امجاد الماضي
النزعة الثانية: اجترارية، وتدور حول ألم الفقد، وهي نظرة أكثر شاعريةً نجد تأثيرها في الفن والأدب والشعر، وأيضًا حياتنا الخاصة.
ترتبط هذه النزعة، بشكل وثيق، بمحاولة الهروب من إحباطات اللحظة الراهنة
وتنطوي الأدلة البحثية التجريبية في تفسيرها لظاهرة النوستالجيا أو الحنين إلى الماضي، على اتجاهين؛ أما الاتجاه الأول، فيرى أن الحنين للماضي شعور عاطفي إيجابي، له تأثير في تعزيز المزاج، والشعور بأن للحياة معنى. وذهبت بعض الأبحاث في هذا الاتجاه إلى أن من لديهم النوستالجيا يكونون أكثر تقديرًا لذواتهم، ومن المفارقات، أنهم متفائلون بالمستقبل، رغم تشبثهم بالماضي.
التفسير الثاني يرى أن الحنين إلى الماضي أكثر عمقًا من أن يستنتج ويُفهم من خلال تجارب أو ملاحظات مقننة تُجرى في المختبرات النفسية،
نتيجتين رئيستين
وأسفرت الدراسة عن نتيجتين رئيستين؛ الأولى أن الشعور بالحنين الي الماضي يكون اكبر مع العائلة والأصدقاء، وعلي مائدة الطعام، عن ما يكون عليه في العمل أو المدرسة.
و النتيجة الثانية، عند الشعور بالاكتئاب يكونون الناس أكثر ميلاً للشعور بالحنين إلى الماضي فعندما بيكون الحاضر كئيبًا ويزيد الإحباط، والحالة المزاجية والمعنويات منخفضة يكون المخرج هو تمثل الماضي والاستغراق في لحظاته السعيدة
الدعاية والاعلان والنوستولجيا
تستغل المؤسسات الرأسمالية والشركات التجاريةحالة النوستولجيا وتعمل على خلق نوستالجيا مزيفة لدى المستهلك بخلق الحاجة لديه، وبل تسعى إلى جعلها أصيلة في حياة كلٍّ منا حاجةً وتعمل علي إرضائها، بتصنع كل شيء من الهدايا التذكارية والأزياء الأفلام والمسلسلات، وتحاول من خلال فرضها بشكل دائم، تسكين شعور الفقد، وتحويل كل المشاعر إلى أشياء مختزلة ومجردة. حيث أكدت العديد من الدراسات أن تعرّض الإنسان لحالة الحنين إلى ماضيه يرفع من رغبته في شراء أشياء تمثل ذكريات رائعة ثم يصبح شديد الاستعداد لدفع أمواله بسهولة أكبر حتى ينتشي بنفس الأحاسيس والعواطف التي عاشها في المرة السابقة، أي تصبح المسألة كالإدمان تماما
ومن الامثلة علي ذلك قيام شركة للاثاث باعادة تشكيل لوحات القرن التاسع عشر كلوحة “آكلوا البطاطا” للفنان الهولندي فان غوخ و “مأدبة الغداء” لرنوار كما في الصورة يظهر الاثاث وكذلك مبادرة جوجل في تحويل الاعلانات القديمة فقامت شركة كوكاكولا بإعادة انتاج أحد اوئل إعلاناتها التجارية للترويج لحملة إرسال قناني الكوكاكولا للاشخاص حول العالم بأستخدام تطبيقات الهاتف المحمول.
وكذلك استغلت شركات الالعاب هذه الظاهرة
وتعتبر الشركات العربية من اكثر الشركات التي تستخدم التوستالجيا لان العرب من اكتر الشعوب تعلقا بالماضي
نوستالجيا الموسيقي
نوستالجيا الموسيقي هي الحالة التي يعيش فيها بعض الأشخاص عندما يستمعون للموسيقي والأغاني التي كانوا يستمعون إليها في فترة المراهقة،والتي لها ذكريات خاصة . فالاستماع إلى الأغاني وكلماتها يعمل على تشجيع القشرة العصبية والسمعية والإندماج بشكل قوي مع الأغاني، مما يعمل على تحفيز وسعادة مراكز المتعة التي توجد في الدماغ وتدفق الكثير من الهرمونات التي تجعل هؤلاء الأشخاص مرتبطين ببعض الأغاني مهما مر عليها وقت طويل
وفي دراسة بحثيه عن قدرة الموسيقى على إثارة الحنين إلى الماضي، استمع المشاركين إلى أغنيتين، قديمةٌ وحديثة من الزمن الحاضر ، ولاحظو ان من استمع الي الاغنيه القدديمة تذكروا ماضيهم، وتم قياس مستويات عالية من التفاؤل لديهم










إرسال تعليق